فصل: وثوب مشرف الدولة على أخيه سلطان الدولة ببغداد واستبداده آخرا بالملك.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وثوب مشرف الدولة على أخيه سلطان الدولة ببغداد واستبداده آخرا بالملك.

ثم شغب الجند على سلطان الدولة ببغداد سنة إحدى عشرة وأربعمائة ونادوا بولاية مشرف الدولة أخيه فيهم بالقبض عليه فلم يتمكن من ذلك ثم أراد الإنحدار إلى واسط لبعض شؤون الدولة فطلب الجند أن يستخلف فهم أخاه مشرف الدولة فاستخلفه ورجع من واسط إلى بغداد ثم اعتزم على قصد الأهواز فاستخلف أخاه مشرف الدولة ثانيا على العراق بعد أن كانا تحالفا أن لا يستخلف أحد منهما ابن سهلان فلما بلغ سلطان الدولة تستر وزير ابن سهلان فاستوحش من مشرف الدولة.
ثم بعث سلطان الدولة إلى الأهواز فنهبوها فدافعهم الأتراك الذين بها وأعلنوا بدعوة مشرف الدولة فانصرف سلطان الدولة عنهم ثم طلب الديلم من مشرف الدولة المسير إلى بيوتهم بخوزستان فأذن لهم وبعث معهم وزير أبا غالب ولحق الأتراك الذين كانوا معه بطراد بن دبيس الأسدي بجزيرة بني دبيس وذلك لسنة ونصف من ولايته الوزارة وصودر ابنه أبو العباس على ثلاثة ألف دينار وسر سلطان الدولة بقتل أبي غالب وبعث أبا كاليجار إلى الأهواز فملكها ثم تراسل سلطان الدولة ومشرف الدولة في الصلح وسعى فيه بينهما أبو محمد بن مكرم صاحب سلطان الدولة ومؤيد الملك الرجحي وزير مشرف الدولة على أن يكون العراق لمشرف الدولة وفارس وكرمان لسلطان الدولة وتم ذلك بي بينهما سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.

.استيلاء ابن كاكويه على همذان.

كان شمس الدولة بن بويه صاحب همذان قد توفي وولي مكانه ابنه سماء الدولة وكان فرهاد بن مرداويج مقطع يزدجرد فسار إليها سماء الدولة وحاصره فاستنجد بعلاء الدولة بن كاكويه فانجده بالعساكر ودفع سماء الدولة عن فرهاد ثم سار علاء الدولة وفرهاد إلى همذان وحاصراها وخرجت عساكر همذان مع عساكر تاج الملك الفوهي قائد سماء الدولة فدفعهم ولحق علاء الدولة بجرباذقان فهلك الكثير من عسكر ه بالبرد وسار تاج الملك الفوهي إلى جرباذقان فحاصر بها علاء الدولة حتى استمال بها قوما من الأتراك الذين مع تاج الملك وخلص من الحصار وعاود المسير إلى همذان فهزم عساكرها وهرب القائد تاج الملك واستولى علاء الدولة على سماء الدولة فأبقى عليه رسم الملك وحمل إليه المال وسار فحاصر تاج الملك في حصنه حتى استأمن إليه فأمنه وسار به وبسماء الدولة إلى همذان فملكها وملك سائر أعمالها وقبض على جماعة من أمراء الديلم فحبسهم وقتل آخرين وضبط الملك وقصد أبا الشوك الكردي فشفع فيه مشرف الدولة فشفعه وعاد عنه وذلك سنة أربع عشرة وأربعمائة.

.وزارة أبي القاسم المغربي لمشرف الدولة ثم عزله.

كان عنبر الخادم مستوليا على دولة مشرف الدولة بما كان حظى أبيه وجده وكان يلقب بالأثير وكان حاكما في دولة بني بويه مسموع الكلمة عند الجند وعقد الوزير مؤيد الملك الرجحي على بعض اليهود من حواشيه مائة ألف دينار فسعى الأثير الخادم وعزله في رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة واستوزر لناصر الدولة بن حمدان ونزع عنه إلى خلفاء العبيديين وولاه الحاكم بمصر وولد له بها ابنه أبو القاسم الحسين ثم قتله الحاكم فهرب ابنه أبو القاسم إلى مفرج بن الجراح أمير طيء بالشام وداخله في الانتقاض على العبيديين بأبي الفتوح أمير مكة فاستقدمه وبايع له بالرملة ثم صونع مع مصر بالمال فانحل ذلك الأمر ورجع أبو الفتوح إلى مكة وقصد أبو القاسم العراق واتصل بالعميد فخر الملك أبي غالب فأمره القادر بإبعاده فقصد الموصل واستوزره صاحبها ثم نكبه وعاد إلى العراق وتقلب به الحال إلى أن وزر بعد مؤيد الملك الرجحي فساء تصرفه في الجند وشغب الأتراك عليه وعلى الأثير عنبر بسببه فخرجا إلى السندية وخرج معهما مشرف الدولة فأنزلهم قرواش ثم ساروا إلى أوانا وندم الأتراك فبعثوا المرتضى وأبا الحسن الزينبي يسألون الإقالة وكتب إليهم أبو القاسم المغربي بأن أرزاقكم عند الوزير مكرا به وشعر بذلك فهرب إلى قرواش لعشرة أشهر من وزارته وجاء الأتراك إلى مشرف الدولة والأثير عنبر فردهما إلى بغداد.

.وفاة سلطان الدولة بفارس وملك ابنه أبي كليجار وقتل ابن مكرم:

ثم توفي سلطان الدولة أبو شجاع بن بهاء الدولة صاحب فارس بشيراز وكان محمد بن كرم صاحب دولته وكان هواه مع ابنه أبي كليجار وهو يومئذ أمير على الأهواز فاستقدمه للملك بعد أبيه وكان هوى الأتراك مع عمه أبي الفوارس صاحب كرمان فاستقدموه وخشي محمد بن مكرم جانبه وفر عنه أبو المكارم إلى البصرة وسار العادل أبو منصور بن مافنة إلى كرمان لاستقدام أبي الفوارس وكان صديقا لابن مكرم فحسن أمره عند أبي الفوارس وأحال الأجناد بحق البيعة على ابن مكرم فضجر وماطلهم فقبض عليه أبو الفوارس وقتله ولحق ابنه القاسم بأبي كليجار بالأهواز فتجهز إلى فارس وقام بتربيته بابن مزاحم صندل الخادم.
وسار في العساكر إلى فارس ولقيهم أبو منصور الحسن بن علي النسوي وزير أبي الفوارس فهزموه وغنموا معسكره وهرب أبو الفوارس إلى كرمان وملك أبو كليجار شيراز واستولى على بلاد فارس وتنكر للديلم الذين بها فبعثوا إلى من كان منهم بمدينة نسا فتمسكوا بطاعة أبي الفوارس ثم شغب عسكر أبي كليجار عليه وطالبوه بالمال فظاهرهم الديلم فسار إلى النوبندجان ثم إلى شعب بوان وكاتب الديلم بشيراز أبا الفوارس يستحثونه ثم أصلحوا بينهما على أن تكون لأبي الفوارس كرمان ويعود أبو كليجار لفارس لما فارقه بها من نعمته وكان الديلم يطيعونه فساروا في العساكر وهزموا أبا الفوارس فلحق بدارابجرد واستولى أبو كليجار على فارس.
ثم زحف إليه أبو الفوارس في عشرة آلاف من الأكراد فاقتتلوا بين البيضاء واصطخر فانهزم أبو الفوارس ولحق بكرمان واستولى أبو كليجار على فارس واستقر ملكه بها سنة سبع عشرة وأربعمائة.